عبدالباري عطوان: هذا الغزل السعودي الإيراني اين كان طوال هذه السنوات؟

إب نيوز ٢٨ يوليو
عبدالباري عطوان

هذا الغزل السعودي الإيراني اين كان طوال هذه السنوات؟ وهل ستتطور لفتة استقبال الحجاج الإيرانيين بالورود والحلوى في المدينة المنورة الى حوار بناء يزيل التوتر في العلاقات ويقطع الطريق على “الفتنة” الامريكية الإسرائيلية؟ وماذا وراء هذه اللفتات السعودية؟

ما يجري حاليا من “غزل متبادل” بين المملكة العربية السعودية وايران في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة التوتر في الازمة الخليجية المتفاقمة حيث يقف الطرفان في خندقين متواجهين، يستحق التأمل، ومحاولة استقراء ما بين سطوره لاستشراف بعض ملامح المستقبل.
قبل الانخراط في أي قراءة لا بد من التوقف عند محطتين رئيسيتين تعكسان هذا الغزل غير المسبوق، وفي السنوات الأخيرة على الاقل:
الأولى: الاستقبال الحار الذي حظي به الحجاج الإيرانيون الذين وصلوا الى أراضي المملكة (60 الف حاج حتى الآن)، حيث نشرت وكالة “ارنا” الرسمية الإيرانية مجموعة صور على موقعها الرسمي تظهر مجموعة من الحجاج تستقبلهم سلطات الحج في المملكة بالورود والحلويات عند وصولهم الى المدينة المنورة لزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ومقبرة البقيع التي تضم رفاة الصحابة.
الثانية: افراج المملكة العربية السعودية عن السفينة الإيرانية “هابنس 1” التي رست في ميناء جدة بعد تعرضها لخلل فني حيث جرى إصلاحها، والاهتمام بطاقمها، والسماح لها بالعودة الى المياه الإقليمية الإيرانية، وثمّن السيد عباس الموسوي، المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإيرانية الجهود السعودية في هذا الاطار.
هذا التعاطي الحضاري بين حكومتي البلدين الذي يأتي بعد ارث طويل من الصدامات والخلافات، خاصة على صعيد أزمات الحجاج الإيرانيين وشكاويهم العديدة من سوء معاملة بعض الموظفين ورجل الامن السعوديين لهم في المطارات والمنافذ الحدودية، يعكس لغة تعامل ودبلوماسية جديدة نأمل ان تتطور، وتكون مقدمة لحوارات، ولقاءات، تتمخض عن تخفيف حدة التوتر في العلاقات بين البلدين، حول جميع القضايا الخلافية، وخاصة ملف حرب اليمن.
من غير المنطقي ان ترسل الإدارة الامريكية الوسطاء الى طهران بحثا عن حلول سياسية للازمة الحالية المترتبة على الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، وما تبعها من فرض حصار اقتصادي، بينما لا تفعل المملكة العربية السعودية ومحورها الشيء نفسه لقطع الطريق على كل من يصطادون في الماء العكر، ويوظفون “الفزاعة” الإيرانية لابتزاز العرب واموالهم.
استمرار الجفاء والخلافات، وانفجار المواجهات العسكرية في منطقة الخليج كنتيجة للتدخلات الامريكية لمصلحة إسرائيلية، سيدفع ثمنه العرب والإيرانيين دمارا لمدنهم، وبناهم التحتية، وربما مقتل عشرات، ان لم يكن مئات الآلاف من أبنائهم.
نتمنى في هذه الصحيفة ان يسود العقل وتتقدم الحكمة التي يتحلى بها الطرفان لتجاوز هذه الفتنة التي تقف خلفها إسرائيل وحلفاؤها في الولايات المتحدة، ففي ذلك مصلحة للجميع.
“راي اليوم”

You might also like