عطوان : القرار الأمريكي بالحوار مع حركة “انصار الله” الحوثية وتحالفها اعتراف بها كلاعب رئيسي في الازمة اليمنية.. ما هي الأسباب الكامنة خلف هذا التحول الأمريكي؟

إب نيوز ٢٨ اغسطس

عبدالباري عطوان

القرار الأمريكي بالحوار مع حركة “انصار الله” الحوثية وتحالفها اعتراف بها كلاعب رئيسي في الازمة اليمنية.. ما هي الأسباب الكامنة خلف هذا التحول الأمريكي؟ وهل دعوة الأمير خالد بن سلمان الى واشنطن جاءت تمهيدا لمفاوضات وشيكة في مسقط؟ ولماذا تغيبت او غُيبت الامارات؟

 

يبدو، ومن خلال التطورات المتسارعة في الحرب اليمنية، ان التحالف الذي تقوده حركة “انصار الله” الحوثية هو الرابح الأكبر سياسيا وميدانيا، فها هي الولايات المتحدة الامريكية تسعى لفتح حوار مباشر مع قيادته، وها هم خصومه السعوديون والاماراتيون يخوضون حربا بالانابة عبر حلفائهم في الجنوب اليمني.

هذا الاختراق السياسي الكبير الذي جاء بعد دخول الحرب اليمنية عامها الخامس والمتمثل في عزم الولايات المتحدة رعاية مفاوضات مباشرة بين أطراف الازمة، والاعتراف بحلف “انصار الله” كطرف رئيسي بعد ان وضعته على قائمة الارهاب، هو الذي يفسر الدعوة الرسمية التي وجهتها الإدارة الامريكية الى الأمير خالد بن سلمان، نجل العاهل السعودي ونائب وزير الدفاع، لزيارة واشنطن واللقاء مع المسؤولين فيها، وعلى رأسهم مايك بومبيو، وزير الخارجية.

المكان المقترح لاستضافة أي محادثات قادمة لأطراف الازمة اليمنية برعاية أمريكية ستكون سلطنة عُمان، ومن غير المستبعد ان يسبق المباحثات اعتراف رسمي امريكي بالحركة الحوثية، ورفعها من قائمة الإرهاب، واجراء مفاوضات أمريكية رسمية مع قيادتها، او من تختاره من مسؤوليها للانخراط في مفاوضات مباشرة حول تفاصيل المبادرة الامريكية المتوقعة.

هناك ستة أسباب تقف خلف هذا التحول الاستراتيجي من قبل الإدارة الامريكية في الحرب اليمنية نوجزها في النقاط التالية:

  • أولا: انهيار التحالف السعودي الاماراتي الذي يخوض الحرب في اليمن، وتفاقم الخلافات بين ضلعيه، رغم كل محاولات النفي، خاصة بعد القرار الاماراتي بسحب القوات، والتركيز على الحل السلمي.

  • ثانيا: الضربات العسكرية المتتالية من قبل الذراع العسكري لحركة “انصار الله” وحلفائها وجيشها اليمني التي استهدفت منشآت نفطية في العمق السعودي، آخرها حقل الشيبة العملاق والمصفاة التابعة له، وكذلك تعطيل الحركة في معظم مطارات المملكة في المدن الجنوبية من خلال هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية مجنحة ذات دقة عالية في إصابة أهدافها، بل وقصف الرياض أيضا.

  • ثالثا: الضغوط الكبيرة التي مارسها الكونغرس الأمريكي على إدارة ترامب لوقف دعمها للتحالف السعودي الاماراتي في حرب اليمن، وإصدار قرار يطالب هذه الإدارة بوقف مبيعات الأسلحة للدولتين.

  • رابعا: اسقاط الدفاعات الجوية الحوثية طائرتين امريكيتين مسيرتين بصواريخ ذكية كانتا تطيران في الأجواء اليمنية وفي غضون شهرين، آخرهما قبل عشرة أيام، وتهديد الحوثيين بضرب أي اهداف أمريكية او إسرائيلية في البحر الاحمر.

  • خامسا: تراجع شعبية الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، خاصة بعد سيطرة قوات المجلس الانتقالي الانفصالي الجنوبي على قصر المعاشيق ومعظم المراكز العسكرية في عدن العاصمة المؤقتة، صحيح ان قوات الشرعية استعادت المدينة بعد تفاهمات سعودية إماراتية، ولكن الضرر قد وقع، والحرب في الجنوب ما زالت مستمرة.

  • سادسا: فتور ردود فعل الأطراف اليمنية، والجنوبية منها خاصة، لتلبية الدعوة التي وجهتها القيادة السعودية اليها للمشاركة في مؤتمر للحوار كانت، بل وما زالت، تخطط لعقده في مدينة جدة، وقد جدد مجلس الوزراء السعودي هذه الدعوة امس في ختام اجتماعه مثلما جاء في البيان الذي تلاه الدكتور ماجد بن عبد الله القصبي، وزير الاعلام بالإنابة.

لا نعرف كيف ستكون الخطوات العملية القادمة التي ستأتي ترجمة لهذه المبادرة الامريكية المفاجئة، فحتى هذه اللحظة لم يصدر أي بيان رسمي عن تحالف حركة “انصار الله” تجاهها، مضافا الى ذلك ان زيارة الأمير خالد بن سلمان لواشنطن ما زالت في بداياتها، وهناك ملاحظة لافتة يمكن رصدها من خلال قراءة ما بين سطور التحركات الدبلوماسية في اطارها، تتمثل في غياب، او تغيب، دولة الامارات العربية المتحدة الشريك الرئيسي في الحرب اليمنية، والدولة ذات النفوذ الذي لا يمكن تجاهله في الجنوب اليمني.

ربما من السابق لأوانه الجزم بقرب انتهاء الازمة اليمنية، وترجيح احتمالات نجاح هذه المبادرة الامريكية التي تتزامن مع حديث عن انفراج ولو محدود في الازمة الإيرانية الامريكية  نتيجة للوساطة الفرنسية، وتزايد احتمالات بدء مفاوضات بين الجانبين، وعقد قمة محتملة بين ترامب وروحاني، ولكن ما يمكن الجزم به ان حركة “انصار الله” الحوثية وحلفاءها باتوا الرقم الأصعب في اليمن، واستطاعوا فرض نفسهم على الخريطة السياسية ليس اليمنية وانما الإقليمية أيضا، وبات من المستحيل التوصل الى حل سياسي للازمة بدونهم، والاعتراف بثقلهم بالتالي.

“راي اليوم”

You might also like