عبدالباري عطوان : تونس وتسونامي “المفاجآت” الانتخابية..

إب نيوز ١٦ سبتمبر

 

عبدالباري عطوان :

تونس وتسونامي “المفاجآت” الانتخابية.. مرشح متقشف يتحدث بالعربية الفصحى وآخر يقبع خلف القضبان يتصدران السباق الى قصر قرطاج.. ما أسباب هذا التحول المفاجئ؟ وهل السر في الانحياز للفقراء والتمرد على القطط السياسية السمان؟ ولماذا نعتقد ان المفاجآة الأكبر ستكون في الانتخابات التشريعية القادمة؟

تونس ستدخل التاريخ العربي الحديث بانها مصدر المفاجآت الديمقراطية التي جعلتها مفخرة لمحيطها العربي والافريقي، وآخر هذه المفاجآت فوز مرشحين من خارج النخبة السياسية التقليدية في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، متقدمين على مجموعة من الحيتان خاصة في المؤسسة الحاكمة، بشقيها الإسلامي والليبرالي العلماني.

ان يتصدر كل من الدكتور قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري، والسيد نبيل القروي، القطب الإعلامي المتمرد على المؤسسة الحاكمة والموجود خلف القضبان، انتخابات المرحلة الرئاسية الأولى، ويهزمان مرشحي حزب النهضة، ونداء تونس، ورهط من الليبراليين، ورجال المال واليسار، فهذه معجزة لا يمكن ان تتحقق الا في تونس الحديثة، مما يعكس ديناميكية شعبها، ووعيه السياسي المتقدم، وصدق بوصلته، وحرصه على اسقاط كل رموز مرحلة لم تعد عليه الا بالفقر والبطالة، والانهيار الاقتصادي والفساد بأشكاله كافة.

الدكتور قيس سعيد، هذا الرجل النحيف البسيط في مظهره، والمستقل الذي لا ينتمي الى حزب من الأحزاب، وتميزت حملته الانتخابية بالتقشف، والاعتماد على حفنة من المتطوعين الشباب، ورفض أي تمويل حزبي او عمومي، هذا الرجل يعود تصدره للنتائج الى تمثيله لتونس الجديدة، وروحها الشابة، تونس العربية الإسلامية التي تتطلع الى مستقبل ديمقراطي افضل، عنوانه التعايش والمساواة وترسيخ قيم العمل والإنتاج.

المرشحان سعيد والقروي تصدرا المرتبتين الأولى والثانية، لانهما راهنا على الشعب التونسي، ووقفا في خندقه، وانحازا الى مطالبه المشروعة في محاربة الفساد، ودعم الطبقة الفقيرة المسحوقة وطموحاتها بمستقبل افضل.

هذه الانتخابات الرئاسية ومفاجآتها الصادمة للنخبة الحاكمة، والمفرحة للأغلبية الشعبية المسحوقة، ستكون المرآة الاصدق للانتخابات البرلمانية الأهم في السادس من الشهر المقبل، وتوزيع المقاعد فيها، وكلنا ثقة ان الشعب التونسي المتمسك بثورته، وانجازاته الديمقراطية سيقدم مفاجآة ربما تكون اكبر من هذه الانتخابات، ويطيح بكل الفاسدين، ويكرس الدولة المدنية، ويجعلها قاعدة للنمو والتطور والانتصار لمطالب الفقراء والمرحومين، ويبلور هوية “تونس الجديدة” والقدوة في محيطها المغاربي والعربي والافريقي.

“راي اليوم”

You might also like