عبد الباري عطوان : هل يأخذ المسؤولون بالسعودية والامارات بنصيحة السيد نصر الله “المجانية” ويوقفون الحرب في اليمن؟

إب نيوز ٢٠ سبتمبر
عبد الباري عطوان :
هل يأخذ المسؤولون بالسعودية والامارات بنصيحة السيد نصر الله “المجانية” ويوقفون الحرب في اليمن؟ لماذا لا نستبعد ان يواجه ترامب “المذعور” مصير نتنياهو صديقه الحميم الذي لم يواسيه الهزيمة حتى الآن؟ وكيف ينظر الرئيس الأمريكي للهجمات على ابقيق كصفقة ابتزازية جديدة كانت البحرين الفقيرة اول ضحاياها؟

ليس من عادة السيد حسن نصر الله ان يوجه النصائح بل الانتقادات القوية الشرسة لخصومه، وخصوم محور المقاومة بالتالي، ولكنه في خطابه الذي القاه عصر الجمعة بمناسبة وفاة استاذه العلامة حسن كوراني، كسر هذه القاعدة عندما اكد لكل من السعودية والامارات طرفي الحرب الحالية في اليمن، ان اقصر الطرق واقلها كلفة لحماية البلدين واقتصادهما ومنشآتهما النفطية من هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة الحوثية، وهي وقف الحرب في اليمن، لان هذه الخطوة اشرف كثيرا من الاذلال الأمريكي.
لا نعرف ما اذا كان المسؤولون في البلدين سيستمعون الى هذه النصيحة ام لا، ولكن ما ذكره هو الحقيقة، لان الرئيس دونالد ترامب لن يخوض أي حرب ضد ايران انتصارا للمملكة العربية السعودية وانتقاما للهجمات التي جرى اتهام ايران بشنها على منشآتي ابقيق وحريص النفطيتين، وادت الى تخفيض انتاج النفط السعودي بمعدل النصف، حسب آراء معظم الخبراء الغربيين.
كل ما يهم ترامب هو ابتزاز دول الخليج جميعا، والحصول على اكبر قدر ممكن من المليارات من عوائدها النفطية، تحت ذريعة توفير الحماية لها، وعندما تعرضت هذه الدول، او بعضها، للأخطار راوغ وماطل، واطلق تغريدات وتصريحات متناقضة، تارة بالقول انه لم يتعهد بحماية احد، وتارة أخرى التذرع بانتظار نتائج التحقيقات لمعرفة الأماكن التي انطلقت منها الصواريخ والطائرات المسيرة.
حتى دولة البحرين الفقيرة المديونة التي تواجه أزمات اقتصادية لم تسلم من الابتزاز، وكان لافتا إصراره على بيعها منظومة صواريخ “باتريوت” قيمتها اكثر من 12 مليار دولار جرى الإعلان عنها اثناء زيارة الشيخ سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، ولي عهد البحرين الى واشنطن، وابرز معداتها منظومات صواريخ “باتريوت” الدفاعية التي ثبت فشلها في التصدي للمسيّرات والصواريخ اليمنية، وتخلت عنها معظم الدول الحليفة لأمريكا، وآخرها تركيا التي اختارت صواريخ “اس 400” الروسية البديلة، ولكن البحرين التي تتواجد فيها قاعدة للأسطول الخامس الأمريكي لا تستطيع الرفض مثل كل شقيقاتها الخليجيات.
***
فعلا الأشقاء في منطقة الخليج يراهنون على إدارة أمريكية فاشلة، مثلما راهن البعض منهم على بنيامين نتنياهو كحام وحليف لهم، وها هو نتنياهو يسقط، وبات على بعد خطوات معدودة من الزنزانة التي جرى اعدادها له بعد صدور الحكم شبه المؤكد بحقه بتهم الفساد، ولا نعتقد ان مصير ترامب سيكون افضل في الانتخابات الرئاسية المقبلة في غضون عام.
ترامب ليس له صديق غير المال، والقيم الأخلاقية ليس لها أي مكان في قاموسه، وكل ما يهمه هو حجم رصيده في البنك والعالم بالنسبة اليه صفقات عقارية، واذا كان تجنب الاتصال بصديقه الحميم نتنياهو لأكثر من أسبوع، سواء لدعمه قبل الانتخابات، او مواساته بعد الخسارة، فهل سيهتم بأصدقائه السعوديين والاماراتيين عندما يمرون بأزمات او مصاعب.
لا نعتقد ان الرئيس ترامب الذي لم ينتقم لإسقاط طائرته المسيرة فوق مضيق هرمز في فم الخليج او منع احتجاز ناقلة لاقرب حلفائه البريطانيين شركاء كل حروب بلاده في العراق وسورية وأفغانستان، سيرسل طائراته لضرب منشآت النفط الإيرانية في بندر عباس وجزيرة خرج، وأكثر ما يمكن فعله هو فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية مثلما فعل اليوم لتضييق الخناق على المصرف المركزي الإيراني، لانه يخشى من الرد الإيراني على قواعده في قطر والسعودية والامارات والبحرين والكويت التي باتت في مرمى الصواريخ والطائرات الإيرانية المسيرة “الشبح” التي لا ترصدها الرادارات.
سلاح الجو الأمريكي الذي كان يفرض الهيمنة في منطقة الخليج، ويرهب كل خصوم أمريكا لقوته وفاعليته في حسم المعارك، هذا السلاح جرى تحييده بفعل المنظومات الدفاعية الصاروخية الجديدة سواء الروسية الصنع مثل “اس 400″، او الإيرانية الصنع المحاكية لهذا النوع الأخير من هذه الصواريخ، ويكفي الإشارة الى ان طائرة “غلوبال هوك” الامريكية المسيرة اسقطت بصاروخ إيراني وعلى ارتفاع 20 كيلومترا.
ما زلنا نصر على ان الطائرات المسيرة التي اصابت منشآت النفط في ابقيق وخريص انطلقت من اليمن حتى يثبت العكس بإبراز الأدلة العلمية والعملية الموثقة، ونأخذ بالتالي برواية المتحدث العسكري باسم حركة انصار الله الحوثية، لإيماننا بأن هناك محاولات مستمرة للتقليل من شأن هذه الحركة وقدراتها العسكرية، والشعب اليمني من خلفها، وهي التي اثبتت هذه القدرات في الميدان والجبهات بصمودها خمس سنوات في وجه تحالف يملك احدث الطائرات والمعدات العسكرية واغلاها في العالم بأسره، وبدأت الكفة ترجح لصالحها في الأشهر الأخيرة.
***
نتمنى على المسؤولين في كل من السعودية والامارات الاخذ بالمقولة العسكرية الخالدة التي تقول “ان افضل الطرق لإنهاء الحروب هو اعلان الانتصار والانسحاب الفوري منها تقليصا للخسائر”، فالنتائج مكتوبة على الحائط، وهناك مثل عربي يقول “لو بدها تشتي لغيمت”.
محور المقاومة الذي يخوض الحرب بشراسة حاليا ضد المنشآت النفطية في السعودية، وربما قريبا في الامارات بالنظر الى التهديدات الحوثية الأخيرة، يقدم على ذلك في اطار استراتيجية محسوبة بدقة متناهية، وهي تعطيل الصادرات النفطية لحلفاء أمريكا في الخليج أولا، ورفع أسعار النفط في الأسواق العالمية ثانيا، واحداث ازمة اقتصادية عالمية على غرار تلك التي هزت العالم عامي 2007 و2008 ثالثا، وجعل سياسة فرض الحصارات والعقوبات الامريكية باهظة التكاليف رابعا.
ارتفاع اسعار النفط يعني انكماش الاقتصاد العالمي، والامريكي على وجه الخصوص، الامر الذي يعني تراجع فرص ترامب بالفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهناك بوادر تؤكد بدء الانكماش في الاقتصاد الأمريكي، وهذا امر سيسر الغالبية الساحقة من شعوب العالم.
رئيسان خسرا الانتخابات الرئاسية والفوز بفترة رئاسية ثانية لأسباب اقتصادية، الأول جورج بوش الاب، والثاني، جيمي كارتر، ولا نستبعد ان يكون ترامب هو الثالث، تفاءلوا بالخير “نجدوه” والأيام بيننا.

You might also like