عبد الباري عطوان : هل نجح السيد نصر الله فعلا في منع الفوضى والاقتتال الداخلي بسحبه لأنصاره من ميادين الحراك

 

 

إب نيوز ١ نوفمبر

عبدالباري عطوان :

هل نجح السيد نصر الله فعلا في منع الفوضى والاقتتال الداخلي بسحبه لأنصاره من ميادين الحراك؟ ولماذا نختلف معه ونعتقد ان استقالة حكومة الحريري لم تكن “الصدمة الإيجابية” المنتظرة؟ وهل ستؤدي استراتيجية تنقية الأجواء اللبنانية من الطائرات الإسرائيلية الى تنقية موازية للأجواء السياسية والنوايا أيضا؟

كان خطاب السيد حسن نصر الله الذي القاه امس، وخصص معظمه للحديث عن الوضع الداخلي، والاخطار التي يواجهها لبنان، خطاب “رجل دولة” وليس زعيم حركة مقاومة فحسب، لانه حرص على التأكيد طوال الوقت على إيجابيات الحراك، وابرزها تجنب اللبنانيين المنتفضين الفوضى والوقوع في مصيدة الاقتتال الداخلي من خلال استفزازات عديدة ابرزها كم السباب والشتائم والخوض في الاعراض التي جرى اعدادها بأحكام من قبل قوى عديدة ابرزها الولايات المتحدة التي قال انها لا تريد الامن والاستقرار للبنان.
كان تصرف السيد نصر الله حكيما عندما طلب من أنصاره الانسحاب من الشوارع والميادين لنجنب الاحتكاك، بل والصدام مع التيارات الأخرى، خاصة تلك المعادية لحزب الله وحلفائه، والشيء نفسه يقال أيضا عن الشابات والشبان المنخرطين في الحراك الذين اظهروا درجة عالية من الوعي الوطني، وتصرفوا بطريقة حضارية مسؤولة، بحفاظهم على الدولة اللبنانية وهياكلها، وتسليط الأضواء بجرأة على الامراض التي نخرت الحياة السياسية اللبنانية، وابرزها الفساد، فساد النخبة الحاكمة ولوردات الاقطاع والحرب الذين سرقوا المال العام في وضح النهار وما زالوا واكدوا انه لن يوقفوا حراكهم الا اذا جرى التصدي لحيتان الفساد هذه وبسرعة، واستعادة كل الأموال التي سرقوها، وتقديمهم الى القضاء.
كان لافتا اعتراف السيد نصر الله باستفحال الفساد، وتورط بعض حلفائه البارزين فيه، ولكننا نعتقد في هذه الصحيفة “راي اليوم” انه كان عليه ان يسمي بعض الأسماء، ان لا يكتفي بالعموميات لان هؤلاء يشكلون عبئا عليه، وينطحون من رصيده الوطني، وان يصر على استبعادهم، بما يملكه من قوة، من هياكل الدولة، ودائرة صنع القرار فيها، وعدم اشراكهم في أي حكومات قادمة.
نعم يجب ان تصغى أي حكومة جديدة لكل مطالب المنتفضين والثوار في الشارع اللبناني الشرعية والعادلة، وان تعمل على تنفيذها جميعا، وان يكون أعضاء كتلة حزب الله فيها هم الناطقين بصوت الحراك ونشطائه، وجهاز الرقابة الصارم على الحكومة وادائها، ووضع استراتيجية واضحة لخطوات إصلاحية حتمية قادمة تنهي هذه المحاصصة الطائفية البغيضة.
استقالة حكومة السيد سعد الحريري لم تكن الصدمة الإيجابية، لانها لم تحظ بأي شعبية في الشارع اللبناني الحقيقي، وكانت ووزراؤها تجسيدا صادقا للفساد، ورمزا له، ولهذا لم يذرف الحراك وشبابه من الجنسين دمعة واحدة على رحيلها، بل اعتبروا هذه الاستقالة اول ثمار حراكهم وثورتهم، فالسيد نصر الله اكد ما نقول، وما يقوله الحراك أيضا، من غياب كامل للشفافية في اوساطها، لمصلحة سيادة النفاق والازدواجية بأشكالها كافة، عندما كشف ان معظم الوزراء في الحكومة كانوا يؤيدون الضرائب التي فجرت الحراك في الاجتماعات المغلقة، وخرجوا في العلن يدينونها ويتبرأون منها.
الحراك يجب ان يستمر لإفشال رهان النخبة السياسية الحاكمة الفاسدة على عنصر الوقت، وملل الحراكيين، وقبولهم بالفتات، وعودة الأمور الى حالها السابق، يستمر حتى تتحقق جميع مطالبه المشروعة، وعدم السماح بالعودة الى الوراء مطلقا.
لم ينسى السيد نصر الله في غمرة انشغاله بالأوضاع الداخلية الملتهبة حاليا، وعدم انزلاق البلاد الى الفوضى والاقتتال الداخلي والفراغ السياسي، ان ينبه الى امر مهم جدا في خطابه، وهو التصدي لطائرة إسرائيلية مسيرة اخترقت الأجواء اللبنانية في الجنوب، وتأكيده على انه سيظل مستمرا في تعهداته بتنقية هذه الأجواء من أي طائرات إسرائيلية معادية، والعمل على اسقاطها بالأسلحة المناسبة التي فاجأت، وستفاجئ العدو الإسرائيلي ومؤسسته العسكرية.
النقطة الأساسية التي لا يمكن القفز فوقها او نسيان ذكرها في هذه العجالة، هو فصله بين المقاومة التي هي شرف لكل لبناني وعربي ومسلم، والوضع الداخلي اللبناني، وهذا الفصل يؤكد على “صوابية” سلم الأولويات لحزب الله الذي تتربع على قمته إرادة التصدي للاحتلال الإسرائيلي، وتحرير كل الأراضي المحتلة، والحفاظ على سيادة لبنان على كل ترابه الوطني، ما فوقه وما تحته.
“راي اليوم”

You might also like