21 سبتمبر.. ثورة خلقت وعيًا بأهمية الزراعة ومسارًا نحو الاكتفاء الذاتي
إب نيوز ٢٧ سبتمبر
محمد صالح حاتم
لم تكن ثورة 21 سبتمبر حدثًا سياسيًا عابرًا في تاريخ اليمن المعاصر، بل مثلت نقطة تحول جوهرية في مختلف المجالات، وفي مقدمتها القطاع الزراعي الذي ظل لعقود طويلة مُهملًا ومرتهنًا لسياسات الوصاية الخارجية التي أرادت لليمن أن يبقى بلدًا مستهلكًا لا منتجًا.
لقد حررت هذه الثورة الإرادة الوطنية من التبعية، وأعادت الاعتبار للزراعة باعتبارها عمود الاقتصاد اليمني، وركيزة الأمن الغذائي. ويُحسب لها أنها نجحت في تغيير الوعي الجمعي لدى المجتمع، حيث لم يعد الناس ينظرون إلى الزراعة كمهنة تقليدية، بل كخيار استراتيجي للبقاء والصمود، وهو ما انعكس في بروز المبادرات المجتمعية التي انتشرت في مختلف المحافظات.
هذه المبادرات لم تقتصر على زراعة الأرض، بل أسهمت في تنفيذ عشرات المشاريع التنموية، من بناء السدود والحواجز والكرفانات المائية، إلى شق الطرقات، وترميم المدارس، وإنشاء المراكز الصحية. لقد أعادت الثورة للمجتمع دوره الحقيقي في التنمية، وفتحت المجال أمام طاقات الشباب والقبائل والقرى للمشاركة الفاعلة في خدمة أوطانهم.
ومن أبرز التحولات التي أحدثتها ثورة 21 سبتمبر، التوجه الجاد نحو زراعة القمح. ويكفي أن نذكر محافظة الجوف التي كانت مهملة رغم خصوبة تربتها ووفرة مياهها ومساحاتها الشاسعة الصالحة لزراعة القمح والحبوب المختلفة.. اليوم عادت الجوف لتتصدر المشهد الزراعي، لتكون نموذجًا لما يمكن أن تحققه الإرادة الحرة إذا وجدت الرعاية والتشجيع.
كما أن الثورة لعبت دورًا محوريًا في تخفيض فاتورة الاستيراد عبر تشجيع الإنتاج المحلي، ومنع استيراد عشرات المنتجات الزراعية التي بات اليمن قادرًا على إنتاجها داخليًا. لقد وضعت البلاد على الطريق الصحيح نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي، وهو هدف استراتيجي لا يقتصر أثره على الاقتصاد فحسب، بل يشمل تعزيز السيادة الوطنية، وتحصين المجتمع من الضغوط الخارجية.
إن ثورة 21 سبتمبر أعادت رسم ملامح اليمن الزراعي، ووضعت اللبنات الأولى لاقتصاد وطني متحرر من الارتهان، قائم على العمل والإنتاج، ومرتبط بجهود أبنائه ومبادراتهم. وبقدر ما مثّلت هذه الثورة انتصارًا للقرار السياسي، فإنها جسدت أيضًا ثورة في الوعي التنموي والزراعي، لتؤكد أن اليمن قادر على النهوض من داخله، متى ما توفرت الإرادة الصادقة والرؤية المستقلة.