محليا : الهدنة ، ودوليا : الدولار وأشياء اخرى ! (تحليل)

 

إب نيوز ٥ محرم

عبدالملك سام

مخطئ من يظن أن المرتزقة يريدون الهدنة؛ فهم – كما نعرف تماما – ليسو سوى أدوات بيد النظام السعودي المجرم، وهو أيضا ليس سوى أداة بيد الحكومة الأمريكية التي تخضع تماما لضغوط اللوبي الصهيوني في واشنطن دي سي. هذا ما يجعل الأتفاق على الهدنة ضرورة أمريكية، وواجب سعودي، وقرار مبهما لدى المرتزقة! وهذا سبب ما نراه من أصرار عليها ولكن مع الكثير من التعقيدات التي تظهر في آليات تنفيذها، فهم مصرون عليها وفي نفس الوقت يماطلون ولا يعرفون كيف يجب أن ينفذوها!

بالنسبة لقيادتنا وحكومة الانقاذ فإن موضوع الهدنة غير مرفوض تماما؛ فالمسؤولية الاخلاقية والإنسانية تجعل منها أمرا قابلا للنقاش، ولكن من منطلق مصلحة الشعب اولا، فكما يسعى الامريكيون لمصالحهم التي تفرض عليهم المحافظة على أسواق الطاقة مستقرة، فإن مصلحة شعبنا تتطلب توفير مكاسب إقتصادية للتخفيف من آثار العدوان والحصار على الناس، ولذلك يصر وفدنا المفاوض على تحقيق مكاسب إقتصادية وإنسانية كشرط للقبول بتمديد الهدنة، فهم لم يرفضوها منذ البداية لمعرفتهم بأن الطرف الآخر لم يدرك بعد مكاسب السلام بعد أن أوغل في عدوانه لمدة سبعة أعوام، لذا كان هناك تدرج في متطلبات الهدنة ليستوعب المعتدون حماقة أصراراهم على أستمرار الحرب.

المشكلة أن الأمريكيين يعرفون تماما ماذا يريدون، بينما النظامين السعودي والإماراتي ومرتزقتهم يعادوننا لتحقيق أهداف ليست أهدافهم! ولو أنهم يحاولون احيانا أن يجعلوا لهم أهدافا خاصة عندما يحتلون مواقعا معينة وينهبون ويفتعلون المشاكل، ولكن الحقيقة تبقى أن الامريكي متى ما فرض عليهم أن يكفوا فسيمتثلون، وعندما تكون مصلحته أن يستمروا فسيواصلون. وقد حرص السيد القائد في أكثر من مناسبة أن يجعلهم يدركون خطورة أن يكونوا مجرد أداة لتنفيذ مخططات الأعداء، وأن ما يفعلونه لا يصب في مصلحتهم على المدى الطويل، ولكن دون جدوى؛ يظل الذيل ذيلا مهما ظن أنه ذو شأن وأرادة خاصة!

بالنسبة لليمنيين فإن فترة الهدوء مهمة لتحقيق عدة اهداف، سواء إقتصادية أو عسكرية. لكن اهم نقطة تتمثل في أن فترة السلم ترهق قوات العدوان المضطرة بأن تكون دائمة الجهوزية على أرض بعيدة عن أرضها؛ ففترة الهدوء تستنزفهم ماديا ونفسيا، وهذا من أهم المبادئ العسكرية التي تجاهلوها طوال سني عدوانهم، والمتابع للأحداث والاحصائيات يدرك كيف تحولت القوة الإقتصادية للسعودية من البحبوحة إلى مرحلة الأقتراض والأستنزاف، ولولا الثروة المدخرة منذ عقود لكانت السعودية أعلنت أفلاسها منذ مدة، وهو أمر سيحدث قريبا لا محالة، وما أمانيهم بأن يعوضوا خسائرهم من ثروات اليمن إلا محض وهم، وستكون الضربة القاصمة لهم في حال سقوط الدولار الأمريكي الذي بدأ يترنح فعلا أثر الحرب الروسية الأوكرانية؛ فمعظم مدخرات آل سعود تعتمد على الاقتصاد والدولار الأمريكيين!

التحليل هذا ليس خياليا، بل واقعي لدرجة مرعبة، وبالإمكان لأي متابع أن يشاهد الاحصائيات التي تمطرنا بها وسائل الاعلام الغربية والعالمية. نحن نشهد مخاضا عسيرا للنظام العالمي القائم، وللمرة الأولى نستطيع أن نقول بأن زمن القطب الأوحد قد انتهى دون ان يشكك أحد في ذلك، فروسيا أستخدمت سلاح الطاقة بشكل قاس وغير مسبوق، وأقوى الاقتصادات العالمية تترنح، فيما الصين تتمدد بهدوء لتحكم سيطرتها كند للنظام الامريكي، بينما امريكا تتلفت شرقا وغربا في محاولة للامساك بحلفائها خوفا من أبتعادهم عنها، وحتى اوروبا بدأت تحس بتبعات أن تربط مصيرها بمصير أمريكا، والقادم أعظم وأمر كما يبدو.

نحن اليوم بين أحتمالين، فإما أن تنتصر روسيا، وعندها ستستطيع أن تفرض قرارها على الأوربيين مجددا، وسنكون أمام وضع يشبه ما كان الحال عليه بعد الحرب العالمية الثانية، وسيبدأ سباق الاستقطاب وربما حرب باردة جديدة، ولكن هذه المرة ستكون أصعب مما كانت عليه في الماضي. وإما أن تخسر روسيا ويتم أستنزافها على الأرض الأوكرانية، وعندها أيضا ستميل الكفة للتنين الصيني المحافظ على امكانياته أمام خصمين مرهقين أنتهيا توا من مقاتلة بعضهما! وفي كلا الاحتمالين ستتمكن دول أخرى من التحرر من الهيمنة الأمريكية، وستبرز المشاكل للولايات المتحدة هنا وهناك، وفي المحصلة فأن سلاح الدولار سيخسر كثيرا ومعه كل الاقتصاديات المرتبطة به مهما كانت النتائج.

*لطالما حاولت أن أبتعد عن التحليلات في القناة لأنها تأخذ وقتا وكلاما طويلا، ولكني رأيت ان أشارك هذا الموضوع معكم اليوم لأهميته، خاصة بعد ان شاهدت وقرأت الكثير من المنشورات المتشائمة لدى بعض القراء. عادة أنا اكتب التحليلات بأسماء مستعارة حتى احافظ على الأجواء الخاصة بالقناة، لكن لتسمحوا لي هذه المرة بهذا المقال..

You might also like