ذكـرى استشهاد الإمام علي عليـه السلام.

 

إب نيوز ٢٧ مايو

كتبـت/رقية الضمين

في كـل عام، وفي غمرة انفعالاتنا وتفاعلاتنا مع شهـر رمضان؛ بما فيه من الخير والبركات، والأوقات التي تتضاعف فيها الحسنات، ويغفر الله سبحانه وتعالى السيئات لمن تاب وآمن وعمل صالحا، تمر بنا الذكرى الأكثر إيلاما والأكثر كارثية في تاريخ المسلمين، لحظـات موجعة فيهـا تبكي العيـون حتى تجف ،
ويذوب القلب على وقع حرارة الأسى والحسرة ،
وتتوقّد المشاعـر مفجوعةً من بشاعةً ذلك اليوم وعظمة ذلك الفقيـد العظيم،

تحيـر قلمي ووقف عاجـزاً أمام هول ذلك اليوم وتلك النكبة ،
أفرغ حبـرهِ بشكل عشوائي على أوراق الندم الذابلة باستحياء، وقد ظهرت علامات عجزه جليّة،
لكنّ شيئا لا أدرك ماهيّته دفعني رغم كل ذلك لأكـتب: “هذا الإمام علي”

تساءلت عـن ماذا سأكتب ؟
عن أي موقف لـه سأتحدث ؟
وعن أي صفة سأمتدحهُ فيهـا ؟
كيف سأبدأ؟ وكيف سأنتهي ؟

فتشت في جميـع القواميـس والمجلدات لعلي أجد مايساعدني في كتابة بعض الجمـل عن الإمام علي عليه السلام لكنني ومع الأسف لم أجـد إلا ورقة مكتوبٌ عليها
“هذا الإمـام علي ،

ناديت النجـوم التي تناثرت في السماء كحبات عقد من اللؤلؤ انفرط عقدها أن ساعديني في تصميـم اسم الإمام علي عليه السلام، ترتّبي حتى تكتبي اسمه الكريـم على هذه السماء لتكون أجمل وأشد جاذبية وفتنة، فاختفت بعجز وخجل وتركـت جملةً خُطّ فيها:
“هـذا الإمام علي”

مررتُ بصخورٍ كبيرةٍ ففكـرت أن أنحت عليهـا بعض الجمـل عن الإمـام علي لكنهـا ومع الأسف تكسرت وتفتت ولم يبقَ سوى حجرٍ صغيـرٍ تأملت فإذا به مكتوبٌ عليه
“إنه الإمام علي”

وقفتُ أمام شجـرة أوراقهـا كثيفة وأغصانهـا متشابكة وكثيفة، فأردت أن أكتب على اوراقهـا بعض الكلمـات عـن الإمـام علي فـتطايرت خجلاً ولم يبق منهـا سوى ورقة صغيرة فإذا مكتوبٌ عليهـا
“إنه الإمـام علي”

وبينمـا أنـا متحيـرة عاجزة، والعبـارات لم تسعفني، وقلمي قد خذلنـي فكـرت وتدبـرت فبحثـت فـي أحاديث الرسـول، صلوات الله عليـه وآله الطاهريـن، فوجـدت فيهـا ما أذهلني، وفيها ما يكفي لبيان مقامه السامي والعظيم حينما يقول صلوات الله عليه وعلى آله في أحد أحاديثه عن الإمام علي ( علي مع القرآن والقرآن مع علي)، وغيرهـا الكثيـر الكثيـر من الأحاديث التي تحدث الرسول فيهـا عن مواقف الإمـام علي وبطولاته وشجاعته وأنه هو من يخلف رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله إذا ما غاب كما كان هارون من موسى عليهما السلام
( أنت مني بمنزلة هارون من موسى ألا أنه لانبي من بعدي )
..
هذا ليس إلا جانبا واحدا، ويبقى علمه الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله: ( أنا مدينة العلم وعلي بابها)
وهو عليه السلام المؤمن الذي يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وهو صاحب اليد التي رفعها رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله قائلا: ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)
وهو من قال فيه رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله يوم (أحد) (هو مني وأنا منه ) فيقول جبريل عليه السلام: ( وأنا منكما )
وكم من الأحاديث التي وردت في فضله عليه السلام والتي لا يتسع المجال للحديث عنها في كتب ودروس ومحاضرات وندوات فما بالك بمقالة.
وهو عليه السلام من وصفه مالك الأشتر بقوله: “علمني علي كيف أقاتل عدوي دون أن أحقد عليه ”
وأما عن حياته وفضائله فلك أن تبحر إلى ما لا نهاية في عالم الفضل والسمو والسبق إلى كل مكرمة،
علي عليه السلام
أبوه أبو طالب الذي كان لرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله مربّيا وحارسا أمينا، وأمه فاطمة بنت أسد التي كانت لرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله أمّا يجد منها ما فقده بموت أمه آمنة عليها السلام، وزوجته سيدة نساء الدنيا والآخرة فاطمة الزهراء عليها السلام، وابناه الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وابنته زينب التي وقفت في وجه رأس الكفر والاستكبار ” يزيد بن معاوية ” وقفة لا يجرؤ عليها إلا من تربّت في بيت علي عليه السلام
..
وفوق كل هذا هو ابن عم رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله الذي تربّى على يديه صغيرا، ونصره كبيرا، فكان الوصي والوزير والخليفة الذي تجب ولايته على كل مؤمن ومؤمنة
..
فهل يعقل لمن كانت تلك سجاياه، وذلك مقامه، أن يكون استشهاده على يد مجرم حقير محسوب على المسلمين، وهل ذلك إلا مؤشر على الانحراف الكبير الذي عاشته الأمة بعد وفاة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله والذي لولاه لكان حال الأمة اليوم مختلفا تماما عما هو عليه.
علي نغم المحبة ونبض الإسلام الذي أراده الله لعباده المؤمنين
فسلام الله عليه يوم ولد ويوم أستشهـد ويوم يُبعث حيـا..

You might also like