الذكرى العاشرة لدماء الشهداء الخمسة الطاهرة من آل الجنيد حماه البحر ومنارات المندب نصرةً لغزة.
إب نيوز ٢ يونيو.
بقلم: عدنان عبدالله الجنيد
المقدمة:
منَ الصراري شَعَّتْ دماءُ آلِ الجنيد… خمسُ مناراتٍ أضاءتْ بابَ المندبِ وحرّرتِ البحرَ الأحمرَ نُصرةً لغزّة وعِزَّةً للعروبة دماءٌ تضيءُ مناراتِ البحرِ والنصر.
يا لعظمةِ الدمِ حينَ يكتُبُ التاريخَ بمدادِ الفداء… ويا لخلودِ الشهداءِ حينَ يغدونَ منائرَ تُضيءُ دروبَ الأحرارِ في زمنِ الظلام!
من الصراري… من تلك التربةِ الطاهرةِ المغموسةِ بمدادِ الأئمةِ الأطهار، والواقعةِ على ذؤابةِ جبلِ صَبَر الأشمّ، شقّت دماءُ آلِ الجنيد مسارَها كنهرٍ قُدسيّ، لتُغرقَ الاستكبارَ، وتُضيءَ بابَ المندب، وتنسجَ على ضفّاتِ البحرِ الأحمرِ رايةَ العروبةِ الحُرّة، وتُبعثَ من دمائهم نبوءاتُ النصرِ لفلسطين.
في هذه الذكرى العاشرة الخالدة، نُحيي ملحمةَ الشهادةِ والفداء التي سَطّرها خمسةٌ من أعلامِ آل الجنيد، نَقشوا أسماءهم في صُلبِ الذاكرةِ اليمنية، وارتقوا إلى اللهِ شهداءَ أبرارًا في قرية الصراري الصامدة، التي كانت وما تزال رمزًا للموقفِ الثابت والعقيدةِ الصلبة في وجهِ التكفيرِ والحصارِ والتنكيل.
في زمنِ الازدحامِ بالهزائمِ والخنوع، وفي شهرٍ حرامٍ يُعظّمُ اللهُ فيه الدماء، أُزهقت أرواحُ خمسةٍ من خِيَارِ أهلِ اليمنِ، شهداءٌ سَقوا بأوردتِهم نخيلَ المقاومة، فأنبتت الأرضُ مناراتٍ خمسًا تهدي الأحرارَ في زمنِ التيهِ والتيئيس.
دماءٌ لم تكن جراحًا عابرة، بل كانت نيازكَ وعيٍ تَسقطُ على خرائطِ التخاذلِ العربي، فتوقظُ فيها ما مات.
لقد سالت دماؤهم الطاهرة على ثرى الصراري وهم يتشبّثون بثباتهم، لا يبيعون دينهم، ولا يُساومون على كرامتهم، ولا يُلقون البصائر في مزادِ الحياة الرخيصة… فأضاؤوا بنورهم عتمةَ التاريخ، وأثبتوا أن آل الجنيد ليسوا سلالة حبرٍ وقلمٍ فقط، بل سلالة دمٍ وجهادٍ وموقفٍ لا ينحني.
إنهم:
القاضي فؤاد عبدالله سرور الجنيد “أبو عبدالله”: باب القضاءِ وصوتُ الحق، ساحةَ العدلِ ، وأبى إلا أن يُختمَ عمرهُ شهيدًا في ميدان الجهاد ،وساحةِالمواجهة حامل اللواء ومنار الدعوة ،ووقف بصلابة المؤمن الصادق ،وثبات الأسم الصابر.
الشيخ نبيل إبراهيم محمد عبدالمعطي الجنيد “أبو مطهر”: حاملُ الرايةِ الإيمانية، وبصيرُ الدعوة، وقف في وجه الجريمةِ بصلابة المؤمنين الصادقين.
القاضي زيد يحيى عبدالحميد الجنيد “أبو يحيى”: ولسانُ الحق ،وسليل الحكمة ، نذر روحهُ دوباً عن حُرمةِ الأرضِ والناس والدين.
الضابط محمد عبدالله سرور أحمد الجنيد “أبو شهيد”: ااشهيد الضابط جندي العقيدة ، وبطلُ المواقف جمعَ بين النظامِ والجهاد، والشرف والبندقية، فكان شهيدًا كما أراد.
المهندس مبارك محمد علي سيف الجنيد “أبو علي”: الشهيد المهندس مهندس التكتيك،ومشير البناءِ والمبدأ، شيّد المواقفَ كما يُشيّد الأساسات، وبقي شامخًا حتى لحظةِ الرحيل الكبير.
خمسةُ شهداءٍ أهل الدماء كالخمسةُ أهلِ الكساءِ: محمدٌ، وعليّ، وفاطمةُ، والحسنُ، والحسينُ عليهم السلام.
وكأنّ لآلِ الجنيد في ذُرى صبرٍ نفحةً من تلك العترةِ النبويةِ المصطفاة.
من مجمع الولي محمد بن عبدالرحمن الحضرمي الملقب بـ”جمال الدين”، الجدّ الجامع لآل الجنيد، ومسجده، الحاضنِ للمسيرةِ القرآنيةِ، والمُحتَفي بانتصاراتِ تموزِ والسيدِ نصر الله، انبثقت شعلةُ الوعي في الصراري، وارتفعت الصرخة في وجه المستكبرين حين أقدم سفيرُ المسيرة القرآنية الشهيد عبدالخالق الجرادي رضوان الله عليه ،حتى وصفتها الأبواقُ المعاديةُ بأنها “مرانُ تعز”، لا لأنّها قلعةٌ عسكرية، بل لأنها حصنُ الفكرِ والولاء، ومَنبعُ الفقهِ المقاوم، ومدرسةُ التكوينِ الجهاديِّ الراسخ.
هذه ليست أسماءً عابرة، بل أعمدةُ تاريخٍ حيّ، ومصابيحُ هدى لنهجٍ ما زال يسطعُ في قلوب المجاهدين.
في هذه الصفحات القادمة، نَسردُ لكَ فصولًا من سيرةِ أسرةٍ حملتِ الفكر، وسَطرتِ الفداء، وجعلت من دمها وثيقةً تُقرأ في محرابِ الوطن والإيمان…
فلأرواحهم السَّلام، ولذكراهم المجد، وعلى دربهم نمضي، لا نميل.
المنارات الخمس: مشاعلُ الدمِ المقاوم من الصراري.
المنارة الأولى:
الشهداءُ الخمسة في الصراري… مَن صاغوا المجدَ بدمائهم وأوقفوا زحفَ الطغيان
في صباحٍ أحمرٍ بلونِ العزِّ والخلود، سُطِّرت أعظمُ الملاحمِ في قريةِ الصراري، حيث ارتقى خمسةُ شهداءَ من آلِ الجنيد، كانوا على موعدٍ مع القدر، فاختارهم الله ليكونوا أولَ من يصعدون سُلَّمَ الخلودِ في مواجهةِ المشروعِ التكفيريِّ المدعومِ من الصهيوأمريكية.
ترجلوا بثباتٍ حسيني، وجعلوا من أجسادهم سورًا يُحاط به ترابُ القريةِ، ومن أرواحهم بيارقَ لا تُنتزعُ من يدِ الريحِ ولا يَخبو وهجُها مع كرِّ السنين.
وفي السادس من ذي القعدة عام 1436هـ، الموافق 20 سبتمبر 2015م، أقدمت فلولُ العدوانِ ومرتزقتهُ، من شتَّى الفصائلِ والتنظيمات، على تنفيذِ جريمةٍ مدروسةٍ باقتحامِ قريةِ الصراري، فدفعوا بما يقاربُ خمسمائةِ مرتزقٍ إلى أزقةِ القرية، تحت غطاءٍ ناريٍّ كثيف، وبهدفٍ مكشوف: إسكاتُ الصوتِ العلويِّ، واستباحةُ الكرامةِ، ومسحُ ما تبقّى من شرفٍ يمنيٍّ مقاوم.
لكن هيهات…!
فبثباتِ الشهداءِ الخمسة، وبنقاءِ نواياهم، وصدقِ مواقفهم، نزل الرعبُ في قلوبِ المهاجمينَ كزلزالٍ مرعب، فإذا بهم يتراجعون فِرارًا، يجرّون أذيالَ هزيمتهم، ويخلِّفون وراءهم قتلى وجرحى، كأنَّ الصراري كلَّها صارت كربلاء، والدماءُ سلاحًا، والموقفُ حسينيًّا من الطرازِ الأوّل.
لقد أثمرت دماءُ الشهداءِ الخمسة في زمنٍ قلَّ فيه الثبات، وصنعت معادلةً جديدةً تُقاس فيها الانتصاراتُ لا بعددِ الطلقاتِ، بل بميزانِ الوعي والثبات والموقف.
فالمظلوميةُ هنا نصرٌ لا يُقاسُ بترسانةِ السلاح، بل تُوزَنُ بالمواقفِ التي تُعيدُ صوغَ التاريخِ بمنطقِ الكرامةِ والولاء.
نعم، لقد سطّر هؤلاءِ الشهداءُ الخمسةُ موقفَ الإمامِ الحسينِ عليه السلام في جبهةٍ جديدةٍ، فجعلوا من دمائهم امتدادًا لدمهِ الشريف، ومن تضحياتهم عهدًا لا ينكسر:
أننا على الدربِ ماضون، وعلى نهجِهم سائرون، لا نميلُ ولا نستكين، حتى تطهُرَ المقدسات، وتتحررَ الأرضُ، ويرتفعَ لواءُ الحقِّ في سماءِ الأمةِ من جديد.
شهاداتٌ من نور: آلُ الجنيد ودماءُ العزّة في الصراري:
من الصراري ارتفعت أرواحٌ أبيةٌ لأعلامٍ من آلِ الجنيد، سطّروا بدمائهم ملحمةَ الوفاء للمشروع القرآني، ونسجوا من تضحياتهم راياتٍ للمقاومة ترفرف فوق تباب جبل صبر وتلال باب المندب.
القاضي فؤاد عبدالله سرور الجنيد والقاضي زيد يحيى عبدالحميد الجنيد: سراجان للوعي، شكّلا قاعدةَ الدفاع الفكري والثقافي، رسّخا الفكر الزيديّ في مواجهة التغريب والوهابية، وجعلا من الصراري منبرًا قرآنيًّا.
الضابط المجاهد محمد عبدالله سرور الجنيد: بثّ الوعيَ في معسكرات مأرب، ثم عاد إلى الصراري مدافعًا ومجاهدًا حتى الشهادة، فكان مثالًا للقيادةِ القرآنية الشجاعة.
الشهيد نبيل إبراهيم محمد عبدالمعطي الجنيد (أبو مطهر): جعل من بيته في صنعاء مركزًا للثورة، وقاوم أول اقتحام للصراري بشجاعةٍ حسينية حتى ارتقى شهيدًا.
المجاهد مبارك محمد علي سيف الجنيد: رابط في خطوط النار، وجسّد الثبات في وجه العدوان، فاستُشهد ثابتًا على الموقف والعقيدة.
الصراري… الجبهة التي لا تُكسر:
لقد أدركَ العدوُّ أنّ هذه القُرى ليست مجرّد حجارةٍ مأهولة، بل قلاعٌ إيمانيةٌ موصولةٌ بالحسين، مشدودةٌ إلى حبلِ الله المتين، فحاولَ اقتلاعها بالتفجير، والقتل، والتهجير، لكنه فشل، لأنّها مغروسةٌ في الأرضِ كما تُغرسُ العقيدةُ في القلب، لا تُقلَعُ إلا إذا انقلبَ الكون.
المنارة الثانية:
الحصارُ الظالمُ على الصراري… حينَ أرادوا خنقَ النورِ فاشتعلت الأرضُ غضبًا
لم يكن اقتحامُ قريةِ الصراري في ذلك اليوم إلا فصلًا أولَ من جريمةٍ موصولةِ الحقد، بل كان مقدّمةً لحصارٍ بربريٍّ ممنهج، استهدفَ الإنسانَ والحجرَ، التاريخَ والهويةَ، الضوءَ والنخوة.
فبعد فشلِهم في إخمادِ شعلةِ المقاومةِ بصدرِ الشهداءِ الخمسة، لجأ الأعداءُ إلى فرضِ طوقٍ خانقٍ حولَ القريةِ، امتدَّ لقرابةِ عامٍ كامل، أُغلقت فيه السبل، وقُطِعت فيه الأرزاق، وصودر فيه حتى الهواءُ النقيّ.
لقد اجتمعَ على قريةِ الصراري حقدُ المرتزقةِ من الداخلِ وخبثُ العدوانِ من الخارج، فتحوّلت إلى هدفٍ دائمٍ لغاراتِ الطائراتِ، وحملاتِ التحريضِ، ومحاولاتِ التركيعِ… أرادوا إسقاطها كما تسقط المدنُ بلا مقاومة، فإذا بها تقفُ في وجهِ الطوفانِ كقلعةٍ من نار، تتنفسُ الكرامةَ وتزفرُ الكبرياء.
لم يكن الحصارُ جوعًا فقط، بل كان اختبارًا لصبرِ الرجالِ والنساءِ، لعقيدةِ الجيلِ المقاوم، لصوتِ الأمهاتِ الثابتِ خلفَ المتاريس، ولسواعدِ الشبابِ الذين نحتوا الصخرَ ليصنعوا طريقًا للكرامةِ وسطَ الحصار.
كانت الصراري تُعيدُ إنتاجَ كربلاء في كلِّ زاوية، وتُنجبُ ألفَ قاسمٍ وعباس، يحملون رايةَ الثأرِ على نهجِ الحسينِ والسيدِ القائد عبد الملك الحوثي، ويؤمنون أن صبرَ ساعةٍ في وجهِ الطغيانِ يساوي مجدَ قرون.
وهكذا، تحوَّل الحصارُ إلى محرّكٍ للتاريخ، والمظلوميةُ إلى منارة، والمقاومةُ إلى عقيدة، والقريةُ الصغيرةُ إلى وطنٍ كبيرٍ اسمه “الصراري” يقفُ في قلبِ اليمنِ كآيةٍ من العزِّ لا تزول.
المنارة الثالثة:
مدرسةُ القرآن والبندقية:
من رحم الصراري وُلِد المشروعُ القرآنيّ، حيث امتزج التلاوةُ بالزحف، والفقهُ بالجهاد، فكان النتاج أكثر من 400 شهيد من آل الجنيد، جسّدوا الإسلام المقاوم في أبهى صوره.
المنارة الرابعة:
مجزرةُ الاجتياحِ في يوليو 2016م… حينَ تجمّعَ الطغاةُ على جسدِ قرية:
في الخامس والعشرين من يوليو 2016م، ارتكب العدوانُ السعوديُّ ومرتزقتُه واحدةً من أبشعِ مجازرِ العصر، باجتياحِ قريةِ الصراري من كلِّ الجهات، بعد أن حشدوا لها قرابةَ ألفي مرتزقٍ مدججين بالسلاح، محاطين بدعمٍ مباشرٍ من غرفِ عملياتِ العدوان، وتغطيةٍ إعلاميةٍ تُهيّئُ الناسَ لتقبلِ الجريمةِ كما تُسوّقُ لهراطقةِ التاريخِ كذبةَ الفتحِ والانتصار!
لقد فُتحت أبوابُ الجحيمِ على الصراري، فسالت الدماءُ في أزقتها، وامتلأت الجبالُ بصدى التكبيراتِ المذبوحة، وأُحرقتِ المنازلُ فوق رؤوسِ أهلها،وفجروا جامعها التاريخي وقُطِّعت أوصالُ التاريخِ أمامَ أعينِ العالمِ المتواطئ، لتُسجّلَ أبشعَ جريمةٍ صمتت عنها المنظماتُ وسجدت في محرابِها وسائلُ الإعلامِ المأجورة.
كانت المجزرةُ بحقٍّ محاولةَ إبادةٍ عرقيةٍ مذهبيةٍ وسياسية، أرادوا بها محوَ القريةِ وطمسَ أهلها، واجتثاثَ فكرِها، ولكنهم – وهم في سُعارِهم الدمويّ – لم يدركوا أن ما يصنعه الدمُ لا يُمحى بالنار، وأن الأجسادَ التي أُحرقت، تحوّلت إلى مناراتٍ من لهب، تهدي قوافلَ الأحرارِ نحو دربِ التحرير.
ولئن سقطت الصراري يومها جسدًا، فقد ارتفعت روحًا، وأضاءت طريقًا، واستنهضت هممَ المظلومين، وسَكَبت في جراحِ الأمةِ رسالةً تقول: هنا تُولَدُ العزّةُ من الرماد، وهنا يُصاغُ المجدُ من الدم.
المنارة الخامسة:
القرار السياديُّ في البحر الأحمر
بينما تطاولت أذرعُ الاستكبار على مضيق باب المندب، أغلقه المجاهدون من اليمن بإرادةٍ من فولاذ، وأعلنوا البحرَ الأحمر بحرًا يمنيًّا، عصيًّا على التطبيع والوصاية الأجنبية.
فلسطين… القبلةُ التي لا تغي
من الصراري، كانت البوصلة نحو الأقصى. كلُّ رصاصةٍ أُطلقت، وكلُّ شهيدٍ ارتقى، كان نداءً صريحًا بأنّ اليمن ليست بعيدةً عن القدس، وأن غزة ليست وحدها على خريطة المواجهة.
الخاتمةُ:
من الصراري إلى غزة… عهدُ الدمِ لا ينكسر
من صراري الكربلاء اليمني، حيث ارتقى الشهداءُ الخمسةُ كأقمارٍ خمسةٍ تعانق الحسين، إلى غزة المحاصرة، حيث يُسطِّر المجاهدون أروعَ ملاحمِ النصر، يتجلّى الربطُ الأبديُّ بين الدمِ والقدس، بين الجراحِ والراياتِ التي لا تنكسر، بين الحسينِ في كربلاء، والحسينِ في كلِّ أرضٍ يُستباحُ فيها الحقّ ويُذبَح فيها العدل.
ما يحصلُ اليومَ من ملاحمَ جبّارةٍ يسطرها أبطالُ غزة، وما يُحققُه محورُ المقاومةِ من انتصاراتٍ متعاظمة، ما هو إلّا ثمرةُ دماءِ أولئك الشهداءِ الذين صمدوا في صراري واليمن ، وواجهوا المرتزقةَ والخونةَ، وكتبوا بدمائهم “لا نُبايع الطغاة”، و”لن نبيع قضيتنا ولو اجتمع علينا أهلُ الأرضِ والسّماء”.
لقد أثمرت تلك التضحياتُ شجرةَ وعيٍ وبأسٍ لا تُهزم، وولّدت جيلاً لا يعرفُ التراجع، ولا ينكسر أمام الطغيان، جيلاً يسيرُ بثقةٍ على طريق القدس، ويعرف أن تحريرَها يمرُّ من الصراري وصعدة وغزة، ومن كلّ شبرٍ سقاه الشهداءُ بدمائهم الطاهرة.
وها نحن، في جبهاتِ الكرامةِ الممتدّة من اليمن إلى الضفةِ والقطاع، نُجدّد العهدَ لدماءِ الشهداءِ الخمسة، ونرفعُ لواءهم عالياً، ونقول لهم: ما زالت خطاكم نبراسًا، وما زالت وصاياكم تُتلى في زوايا الجبهات، وإنّنا على نهجكم ماضون، حتى يُطهَّر الأقصى من دنس المحتل، وحتى تُحرّرَ كلُّ المقدّسات، وتعودَ رايةُ الحقِّ خفّاقةً فوق القدسِ الشريف.