القرآن مشروع هداية، وبيت الله الحرام قبلة الوحدة، وغزة محراب التصحيح 

إب نيوز ٥ يونيو

 عدنان عبدالله الجنيد

في زمن التيه، حين تتشوش البصائر، ويضيع الناس بين أبواق التضليل ومنصات الطغيان، يعلو النداء الرباني الأزلي ليعيد بوصلة الإنسان إلى منابر الهداية الخالدة، التي نصبها الله لعباده، فجعلها مشاعل نور، وموارد يقين، وسبل فلاح.

قال تعالى:

﴿شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس﴾

﴿إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا وهدى للعالمين﴾

فما بين القرآن الكريم والبيت الحرام، تتجلى الهداية الإلهية في أعظم صورتين

📖 القرآن الكريم… مشروع هداية

القرآن ليس كتاب طقوس أو مواعظ أخلاقية مجردة، بل مشروع إلهي متكامل، يخاطب الإنسان بما هو إنسان، ويدعوه إلى التحرر من كل صنوف العبودية للطاغوت،هو نداء دائم إلى التوحيد، والعدل، والكرامة، والوعي، والجهاد، والسمو الأخلاقي… هدى للناس، أي لكل الناس، بلا احتكار ولا حواجز طائفية أو عنصري.

هو نور وبصائر، وشفاء لما في الصدور، وتبيان لكل شيء، يدعو إلى التوحيد، والعدل، والحرية، ويكسر قيود الطغاة،…..

🕋 بيت الله الحرام… قبلة الوحدة

لم يكن البيت الحرام بقعة مقدسة فحسب، بل جعله الله “هدى للعالمين”، لا لطائفة دون طائفة، ولا لعرق دون عرق.

هو مركز البركة، ومهوى أفئدة المؤمنين، ومحور الوحدة الإسلامية الكبرى.

ففيه تتساوى الجباه، وتتوحد الأقدام، وتنصهر الهويات القُطرية في هوية “الأمة الواحدة”، التي أمر الله بها عباده.

هي قبلة الوحدة، ومأوى الإيمان، فيه مقام إبراهيم، وفيه الأمن والأمان، ومثابة للناس، وجعل الله رزقه قائمًا ليكون الحج ميسّرًا لا عبئًا، وشعيرة لا تجارة.

وحتى لا تبقى الهداية كتابًا صامتًا أو حجارةً صامتة، بعث الله حاتم الأنبياء والمرسلين، محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم، رحمةً للعالمين، ليقود مشعل الهديين معًا: القرآن والبيت، ويمثّل الهداية قولًا وفعلًا، حركةً وجهادًا، وعزّةً في وجه الطواغيت.

لكن الواقع يشهد انحرافًا خطيرًا:

البيت الحرام أُفرغ من معانيه، وحُوّل إلى منصة استثمار وسياحة.

تكاليف الحج ارتفعت، والروح الإيمانية استُبدلت بمظاهر رأسمالية.

تمّ تسييس الشعائر لخدمة أولياء الشيطان، وتقديم الطاعة للبيت الأبيض بدلًا من البيت العتيق!

وأصبح الحج خاضعًا لمزاج النظام السعودي الذي باع حُرمة المكان لأعداء الأمة، واستبدل الهداية بالصفقات.

🇵🇸 غزة… محراب التصحيح وفرز الهُدى

وفي هذا الواقع المنكوس، جاءت غزة لتقلب الموازين، ولتكشف حجم الانحراف عن مصادر الهداية الإلهية.

غزة، بصمودها ومقاومتها، كشفت من الذي لا يزال على صلة بالقرآن والبيت الحرام، ومن الذي انسلخ عنهما وألقى بنفسه في أحضان الصهاينة.

غزة لم تكن مجرد ساحة حرب، بل محرابًا حقيقيًا، فيه يُمتحن الإيمان، ويُكشف الموقف، ويظهر مع من تقف القلوب:

هل مع المستضعفين أم مع المستكبرين؟

هل مع ثقافة القرآن أم مع ثقافة التطبيع؟

هل مع محراب إبراهيم أم مع عروش المطبعين؟

الحلّ… في النداء الصادق

وفي هذا المفترق التاريخي، يرتفع صوت الحق من صنعاء، من قائد قرآني حكيم، السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله، وريث مشعل الهدى والهديين ،نداءً للعودة إلى سيرة النبي إبراهيم عليه السلام، وإلى الثقافة القرآنية الأصيلة، التي تصنع أمةً ترفض الذل، وتواجه الاستكبار، وتستنهض كل ما فيها من إيمان وشجاعة وبصيرة.

إنها دعوة للعودة إلى الجذور، إلى مصادر النور، إلى منابر الهداية التي أطفأها الطغاة حين جعلوا القرآن زينة للمجالس، والبيت الحرام سلعةً في المزادات السياسية.

نداء من شعب الإيمان والحكمة

وها هو شعب الإيمان والحكمة، بكل صدق وغيرة، يوجه نداءه الخاشع، الصارخ، إلى الأمة الغافلة: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾

[سورة الحديد: 16]

فهل آن الأوان لقلوب الأمة أن تخشع؟

هل آن لها أن تعود إلى القرآن مصدر الهداية؟

هل آن لها أن تطهّر البيت من دنس السياسات؟

وهل آن لها أن تنحني إجلالًا لغزة، وتستلهم منها دروس الكرامة والبصيرة؟

إنها لحظة فاصلة… فإمّا أن نكون مع الله، مع القرآن، مع البيت، مع محمد، مع غزة، مع محور الحق…

وإما أن نكون في صف الباطل، ولو صلّينا وصمنا!

نداء القوات المسلحة اليمنية:

بينما حجاج بيت الله الحرام يستعدون للوقوف في عرفة مهللين ومكبرين، يستمر نزيف دم إخواننا في غزة، نزيف لم يشهد له العالم مثيلاً، دون نصير من أبناء الأمة الإسلامية. إننا في القوات المسلحة اليمنية نوجه نداءنا الحارّ إلى أبناء أمتنا المقدّرين، القادرين على إيقاف هذا النزيف الدموي، ووقف هذه المأساة الإنسانية التي ترتكبها يد الغدر الصهيونية بحق شعبنا الفلسطيني الأعزل.

إنّ هذه العملية العسكرية التي نفذها سلاح الجو المسيّر بإذن الله، والتي استهدفت مطار اللد في منطقة يافا المحتلة بطائرتين مسيّرتين من نوع “يافا”، والتي حققت أهدافها بنجاح، تمثّل انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأبطال، ورفضاً قاطعاً لجريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة.

You might also like