التخطيط أساس التنمية الحقيقية وبناء الدولة القوية
التخطيط أساس التنمية الحقيقية وبناء الدولة القوية
إب نيوز 7 أغسطس
محمد صالح حاتم
التخطيط هو أساس أي عملية بناء ومن دونه تصبح الجهود مشتتة، والموارد مهدرة، والأهداف مجرد أحلام على الورق . وبالنظرة المتعمقة في قول الله تعالى: ﴿أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ (الملك: 22)..
نجد أن هذه الآية العظيمة ترسم لنا مشهدًا واضحًا لحالين متناقضين؛ إنسان يمشي بلا هدى، لا يعرف طريقه، فيضل ويتعثر ويهلك، وآخر يسير بخطى واثقة على صراط مستقيم، يعرف غايته فيصل إليها بسلام. ومثلما يوضح القرآن هذه الصورة، فإنها تنطبق تمامًا على واقع الأمم: فمن يسير بلا رؤية أو خطة واضحة يتيه، ومن يضع لنفسه تخطيطًا دقيقًا يمضي في طريق التنمية والنهضة.
وهنا تتجلى لنا حقيقة أن التخطيط هو البوصلة التي تحدد الاتجاه، وتساعد على حسن استغلال الإمكانات البشرية والمادية، وتضمن السير بخطى ثابتة نحو الأهداف. ومجتمع بلا خطة يشبه سفينة تتقاذفها الأمواج في بحر هائج، سرعان ما تغرق بمن عليها.
وقد أثبتت تجارب الشعوب أن النجاح الحقيقي يبدأ بخطة مدروسة، تحدد الأولويات، وتنظم العمل، وتضع أهدافًا قريبة وبعيدة المدى. فلا يمكن لدولة أن تحقق الاكتفاء الذاتي أو تنجز مشاريع كبرى من دون رؤية واضحة وخطوات عملية.
ونحن اليوم في العام الثاني من حكومة التغيير والبناء، ورغم التحديات الكبيرة من حصار وحرب عسكرية واقتصادية، ورغم أن الجهود الهادفة لبناء مؤسسات قوية وتنفيذ برامج تنموية مستمرة تبقى الحقيقة التي لابد من الاعتراف بها هي أن هذه الجهود ستظل ناقصة ما لم تستكمل الوزارات والهيئات خططها السنوية. لقد دخلنا بالفعل في الشهر الثاني من العام 1447هـ، ولا تزال بعض الوزارات متأخرة في إعداد خططها، وهو تأخير ينعكس سلبًا على التنمية ويؤدي إلى هدر الوقت وتراجع مستوى التنسيق.
ويجب أن ندرك جميعا أن الرغبة في التنمية وحدها لا تكفي، كون التنمية الحقيقية بحاجة إلى خطط واقعية قابلة للتنفيذ، قائمة على بيانات دقيقة، محددة بمؤشرات زمنية قابلة للقياس، تراعي الإمكانات المتاحة وتستفيد من الموارد إلى أقصى حد، مع تعزيز التعاون بين مختلف الوزارات والمؤسسات وإلا ستظل التنمية مجرد شعارات تُردد في المناسبات دون أثر ملموس في حياة الناس.
ويبقى الأمر المطلوب اليوم من حكومة التغيير والبناء هو الإسراع في إنجاز الخطط، وربطها برؤية استراتيجية طويلة المدى، مع تفعيل آليات للمتابعة والتقييم، حتى تتحول هذه الخطط من أوراق محفوظة في الأدراج إلى واقع يلمسه المواطن في حياته اليومية.
